أرجيلة
21/12/2016
نتائج لافتة ومزعجة تلك التي تمخضت عن دراسة أجراها مجموعة من الباحثين، من مكتب مكافحة السرطان في مركز الحسين للسرطان، بقيادة د. فراس هواري، ونشرت في مجلة “Respiratory Medicine”؛ عندما أجروا مقارنة للوظائف الحيوية، وكفاءة جهاز التنفس، والجهاز الدوري، لدى طلبة الجامعات الأردنية ممن يواظبون على تدخين “الأرجيلة”، مقارنة بأقرانهم من غير المدخنين.
فقد وجد الباحثون أن مدخني “الأرجيلة” معرضون للإصابة بأمراض الجهاز التنفسي بنسبة 70 % أعلى مما لدى غير المدخنين، مع ما يصحب ذلك من أعراض مزعجة ومزمنة، مثل السعال المزمن، وضيق النفس، وإخراج البلغم.
وخلصوا إلى أنه على عكس ما كان يعتقد عن دور التدخين في إنقاص الوزن، فإن مدخني “الأرجيلة” أكثر وزنا من نظرائهم بحوالي 6 كيلوغرامات. وهو ما يُردُّ غالبا إلى الطقوس التي تحيط بـ”الأرجيلة”؛ من فترة جلوس لساعات طويلة، وتناول الطعام والشراب بوفرة أثناء التدخين برفقة الأصدقاء أو العائلة.
أما مؤشرات وظائف الرئة المختلفة، فقد سجلت قراءات أسوأ بكثير عند المدخنين؛ مما يعكس عدم قدرة الرئة على القيام بوظيفتها.
أما الأمر المهم الآخر الذي خرجت به الدراسة، فيتلخص في القدرة المتدنية بشكل كبير لدى المدخنين، على أداء التمارين الرياضية؛ لأن العضلات سرعان ما تجهد، وبالتالي يصبح من الصعب الاستمرار في المواظبة عليها. وأظن أن ذلك يشكل جواباً شافياً لأولئك الذين يتساءلون عن أسباب ضعف أداء رياضيينا في الرياضات المختلفة.
وكان الدكتور هواري قد أطلعني أنه بعد عرضه، في أحد المؤتمرات المتخصصة، لنتائج دراسة سابقة عن الأداء البدني لطلبة الجامعات الأردنية، تقدمت منه إحدى الحاضرات متسائلة: هل يعقل أن تكون هذه المؤشرات لشباب في العقد الثاني من العمر؟! إذ إنها كانت تشابه مؤشرات الأشخاص ممن هم في العقد السادس في دول العالم المتطور.
هذه النتائج يجب أن تؤخذ على محمل الجد من قبل صانعي السياسات الصحية، وأن تحفزهم على الإسراع في تطبيق قانون منع التدخين. هذا القانون الذي حاولت الحكومة السابقة جادة تطبيقه، لكنها اصطدمت بمقاومة شرسة من قبل “لوبيات” أصحاب المقاهي، مما دفعها للتراجع عن تطبيق القانون.
المشكلة الكبيرة في “الأرجيلة” أنها كسرت كل التابوهات الاجتماعية، وأضحت مقبولة اجتماعياً، عابرة للطبقات والأعمار يدخنها الكبير والصغير، ويدخنها أطفال في حضرة الأهالي. كما تكمن خطورة هذه الآفة التي انطلقت من منطقتنا لتجتاح العالم كالوباء، أن معظم المدمنين عليها هم من الشباب، بما يترتب على ذلك من متاعب صحية مبكرة، ترهق العماد الاقتصادي للدول.
ما لم نتنبه إلى خطورة وجدية هذه القضية والكارثة الصحية، فإننا على موعد في العقدين المقبلين مع تضاعف في نسب الأمراض غير السارية، والتي تعتبر اليوم مسؤولة عن 75 % من الوفيات بين الأردنيين، وستبقى تشكل عبئا صحيا واقتصاديا ما لم نستطع التعامل معها بمنهجية وحذر.