أعضاء تحت الطبع
25/03/2015
لا أظن أن أحداً من الفريق الذي عمل على اختراع وتطوير طريقة الطباعة ثلاثية الأبعاد، قد توقع أن هذا الاختراع سيجد طريقه إلى أجسامنا، ويغير الكثير من المسلمات في عالم الطب.
فما إن كُشف عن هذا الاختراع، حتى تلقفته الصناعات المختلفة؛ بدءاً بصناعة قطع الطائرات والسيارات، إلى طباعة الأسلحة الفردية وأجزاء “الروبوت”.
ولم يطل الوقت، حتى بدأنا نقرأ عن استخدامات مختلفة لهذه الطريقة الثورية، في مختلف الأبحاث الطبية. فهناك العديد من المختبرات البحثية التي تقوم بطباعة الأورام المختلفة، باستخدام خلايا سرطانية؛ لمحاكاة شكل وحجم السرطان في جسم المريض، وبالتالي تجربة الأدوية المختلفة عليه. وليتم بذلك الاستعاضة عن فئران المختبرات التي يعتبر العمل عليها عملية معقدة، تحتاج وقتاً طويلاً لإجرائها.
كما يقوم بعض جراحي القلب، والذين يجرون جراحات لتصحيح بعض التشوهات الخلقية المعقدة، بطباعة نموذج يحاكي التشوه الموجود لدى المريض، بعد تصويره بواسطة التصوير الطبقي ثلاثي الأبعاد؛ ومن ثم إجراء تجربة على هذا النموذج قبل المباشرة بالعملية الجراحية، مما يمنحهم تصوراً مسبقاً عما يمكن أن يواجههم خلال العملية.
ثم بدأت مراكز زراعة الأعضاء بالاهتمام بالموضوع، من خلال طباعة أعضاء صناعية تناسب مقاسات المريض. وقد تم تركيب العديد من المفاصل الصناعية باستخدام هذه الطريقة. كما قام بعض جراحي ترميم الوجه بإجراء عمليات تجميلية مستخدمين الطباعة ثلاثية الأبعاد، لضمان أعلى درجات التماثل مع وجه المريض.
لكن الثورة الحقيقية التي يؤمن البعض أنها باتت أقرب إلى الحقيقة منها إلى الخيال، تتمثل في التمكن من طباعة أعضاء بواسطة خلايا بشرية، بحيث نستعيض عن عملية التبرع بالأعضاء، مع ما يرافقها من مشاكل لوجستية وطبية؛ من حيث طول قائمة الانتظار، والأدوية المكلفة التي يضطر المريض لتناولها مدى الحياة.
فقد نجح بعض العلماء في طباعة كلى بشرية، وحاولوا تزويدها بما يؤمن لها الاستدامة، من أوعية دموية. ورغم أن الموضوع ما يزال في بداياته، وبحاجة إلى المزيد من الأبحاث، إلا أن البعض يعتقد أننا قد نكون اقتربنا كثيرا من زراعة أول عضو مطبوع بخلايا بشرية.
وليس مستبعدا عندها أن يسأل أحدنا الآخر: “أين طبعت كليتك أو كبدك؟”، أو حتى أن تحمل هذه الأعضاء اسم المطبعة، ورقم الطبعة، وحقوق الملكية الفردية!
قد ينتمي ما ذكرت إلى أفلام الخيال العلمي. لكن، أليس معظم الاختراعات العلمية بدأت بأفكار بدت للوهلة الأولى مغرقة في الخيال؟