الصحة بمفهومها الشامل

التاريخ:
11/03/2014

تعرف منظمة الصحة العالمية، الصحة على أنها حالة اكتمال السلامة بدنياً، وعقلياً، واجتماعياً، لا مجرد انعدام المرض أو العجز. لكن السؤال المطروح هنا: أين نحن اليوم في فهمنا، وممارستنا من هذا المفهوم الشامل للصحة، الذي اعتمدته المنظمة العام 1946، وبقي صامداً حتى يومنا هذا؟

عندما يُسأل الأطباء، وطلبة الطّب عن سبب اختيارهم هذه المهنة، نجد جواباً واحداً، يكاد يصل حد الإجماع: “لكي أعالج المرضى”، إذن فالراسخ في وعينا، أو لا وعينا الجمعي، أن وظيفة الطبيب، وبالضرورة الطب، هي معالجة المرض، وهنا تكمن العلة. فتعليمنا الطبي يبدأ في المَشرحة على جثث الموتى، ويتابع في المختبرات على الأنسجة المرضية، ثم ينتقل إلى الفحص السريري للمرضى، لينهي طالب الطب دراسته وتلقي معارفه، وقد ترسخت في ذهنه قناعة تامة، أن رسالته السامية هي علاج المرضى.

ونحن هنا لا نقلل من أهمية كل ما سبق، لكننا ندعو الى عدم اختزال الطب في علاج الأمراض فقط، وكأنها وظيفته الوجودية الوحيدة.

لقد حققنا نجاحات كبيرة في إدارة المرض، وفشلنا فشلاً ذريعاً في الرعاية الصحية، لأن اهتمامنا كان منصباً على معالجة الأعراض الظاهرة، دون أن نولي اهتماماً بالأسباب الحقيقية، الكامنة تحت هذه القشرة الرقيقة من الأعراض، فحولنا المريض الآني إلى مريض دائم، وهذا هو الحال لدى معظم المرضى، ممن يعانون من الأمراض المزمنة. وأهملنا المبدأ الأهم في الرعاية الصحية، ألا وهو الوقاية.

ووراء الأكمة ما وراءها، فهنالك المئات من الشركات العملاقة المستعدة لاستثمار المليارات في الأبحاث الدوائية والسريرية، لكنك لا تكاد تجد شركة واحدة تستثمر استثماراً حقيقياً في الوقاية من المرض. حقيقةً لا ينتظر من هذه الشركات، التي تبني إمبراطورياتها المالية من خلال علاج الأعراض، وبعض الأمراض، أن تستثمر في الوقاية، فهذا واجب الدول حيث إنها المتضرر الرئيسي من التضخم المتزايد في قيمة الفاتورة العلاجية.

نحن مدعوون أكثر من أي وقت آخر للتفريق بين إدارة المرض، والرعاية الصحية. ولإعادة الاعتبار للمثل الذي طالما تغنينا به في صغرنا: “درهم وقاية خير من قنطار علاج”، فدعونا لا نبخل بدرهم الوقاية حتى لا تواصل قناطير العلاج تضخمها، وطوابير المرضى تزايدها.