روبوتات من لحم ودم

مارس 22, 2019

تفاجأت عائلة المريض ارنيست كوينتانا والذي كان يتلقى العلاج من مرض عضال في العناية المركزة في أحد مستشفيات ولاية كاليفورنيا الأميركية بـ”روبوت” يقتحم عليهم الغرفة ليعلن لهم من خلاله أحد الأطباء عن تقييمه لمدى صعوبة حالة المريض وضيق فسحة الأمل أمامه.
لم تكن صدمة الأهل ناتجة عن صعوبة الأنباء التي تلقوها فقد كانت متوقعة ولكن من الطريق “اللانسانية” التي تم من خلالها التواصل معهم والتي رأوا فيها اهدارا لكرامة المريض واستهانة بمشاعر الأهل.
لا شك أن الالة التي اصبحت أكثر ذكاء بمرور الوقت مقرونة بوسائل الاتصالات الحديثة قد غيرت وجه الطب واحدثت ثورة معرفية في طريقة تعاطينا مع الرعاية الصحية وكسرت العديد مما كنا نظنها مسلمات وكان هذا التأثير ايجابيا في معظم جوانبه، لكن هذه الثورة وكما هو الحال مع جميع الثورات لم تخل من الاعراض الجانبية والشوائب التي علقت بها ومن ابرزها تأثيرها السلبي على عملية التواصل الانساني.
فرغم التقدم العلمي الهائل الذي شهدناه مطلع الالفية الثالثة ما زال التواصل الإنساني بين الطبيب ومريضه يشكل ركيزة أساسية من ركائز العملية العلاجية لكننا للأسف بدأنا نشهد مؤخرا انسحابا تدريجيا وملحوظا لهذه العلاقة ولم تقتصر هذه الظاهرة على العلاقة بين الطبيب والمريض بل تعدته الى سوء التواصل بين اعضاء الفريق الطبي انفسهم مما افقدهم روح الفريق وثقة المريض بهم واصبح تنقل المريض بين عدد كبير من الاطباء ظاهرة معاشة وهو ما بات يعرف بالتسوق الطبي.
ادت هذه الظاهرة الى نشوء تحركات ومجموعات تنشط في الفضاءين الحقيقي والإلكتروني تدعو إلى انسنة الطب وتخليصه من براثن الالة وثقافة الوجبات السريعة والتواصل عبر الشاشات ومفاتيح الكيبورد والتي انشبت مخالبها واطبق على كافة مناحي حياتنا لتحولنا إلى روبوتات لكن من لحم ودم.