كلفة الأمل

14/12/2016

تشير معظم الدراسات المنشورة إلى أن قسطاً كبيراً مما ينفق على الرعاية الصحية يتم إنفاقه على المرضى في عامهم الأخير، وأن معظم هؤلاء المرضى لم تكن لديهم فرص للشفاء؛ فأقسام العناية المركزة في معظم المستشفيات مليئة بمرضى لا يملكون فرصاً حقيقية للشفاء، والغرض الذي أنشئت لأجله هذه الأقسام المكلفة هو معالجة ودعم المرضى المصابين بأمراض طارئة، والذين يملكون فرصاً حقيقية للشفاء.

ففي الولايات المتحدة، يذهب حوالي 30 % من الإنفاق الحكومي على الصحة إلى 5 % من المواطنين الذي يوافيهم الأجل في تلك السنة.

لقد ساهم تشبث الناس بالأمل ومطاردة المعجزات في رفع كلفة الفاتورة العلاجية إلى أرقام فلكية، حدت بالعديد من دول العالم إلى التحذير من إفلاس القطاع الصحي، وعدم قدرته على تلبية احتياجات الناس الصحية في حال استمر الوضع على ما هو عليه.

فعندما تصبح مطاردة فسحة الأمل، على ضيقها، لإضافة بضعة أيام معدودة إلى حياة المريض بغض النظر عن نوعية هذه الحياة، هي السمة الغالبة على ممارستنا الطبية، نجد أنفسنا وقد أضعنا الهدفين معا. وهناك دراسات كثيره تشير إلى العلاقة العكسية بين الإنفاق على المريض في المراحل المتأخرة من مرضه، والتوسع في الإجراءات الطبية والمدة التي يعيشها المريض، وجودة الحياة خلال هذه المدة.

لقد أحدثت التكنولوجيا الحديثة نقلة نوعية في العملية العلاجية ونتائجها. لكن إساءة استخدامها من قبل المرضى والأطباء أدت إلى زيادة معاناة العديد من المرضى وأهاليهم، وجعلتهم معلقين بحبال وشاشات الأجهزة، والمحاليل الوريدية، من دون أدلة علمية تدعم هذه التدخلات.

ولا بد لنا من استخدام التكنولوجيا الحديثة، من أدوية وأجهزة، استخداما عقلانيا، بحيث توجه إلى مستحقيها، وإلى أولئك الذين ستحدث فرقا في حياتهم كماً ونوعا، وإلا وجدنا أنفسنا قريبا بحاجة إلى أضعاف عدد الأسِرة المتوفرة حاليا، وأضعاف الميزانيات المخصصة للصحة، من دون أن يترجم هذا الإنفاق إلى تحسن حقيقي في مؤشرات الصحة والرفاه

جميل جدا أن يتحلى الإنسان بالأمل، لكنه الأمل المبني على معطيات عقلانية. وهنا يأتي دورنا كأطباء في أن نساعد المريض على اتخاذ القرار السليم فيما يتعلق بحياته ومرضه، وأن نوصل له الحقيقة بصدق وشفافية، لا أن نساهم في تعلقه بحبال الهواء.

وهنا يأتي دور الرعاية التلطيفية، وتدخلها المبكر؛ إذ تساهم في التخفيف من معاناة المريض، والتقليل من عدد التداخلات غير المجدية.

نحن مدعوون للتمسك بالأمل، لكن بواقعية؛ وأن نوازن بين المنافع والأضرار. وفي حال تغليب ضرر التدخل الطبي على نفعه، يجب علينا التوقف.