“مشروع الجينوم الأردني”

نوفمبر 23, 2018

أعلن البروفيسور جون ماتيك المدير التنفيذي لمشروع الجينوم البريطاني على هامش مؤتمر الرعاية المعلوماتية لمرضى السرطان الذي نظمه مركز الحسين للسرطان هذا الأسبوع عن انتهائهم من تحليل مئة ألف جينوم وهو الهدف الذي انشئ المشروع من أجله، وأن هدفهم القادم خلال السنوات القادمة يتمثل في الوصول الى خمسة ملايين تحليل للجينوم.
في نفس الوقت أعلن الأشقاء في قطر عن انتهائهم من تحليل أكثر من اثني عشر ألف جينيوم من خلال برنامج الجينوم القطري والذي يعتبر الأكبر على مستوى العالم إذا ما أخذنا في الحسبان نسبته لعدد السكان.
بالرغم من أن مصطلح “علم الجينوم” حديث نسبياً إلا انه أصبح حديث العالم وذلك للتطور السريع في تقنيات التسلسل والتي جعلت فحص العوامل الوراثية ” الجينومات ” الكاملة في متناول اليد تقنياً ومادياً.
لكن في الوقت الذي أصبحت مشاريع الجينوم تأخذ مكانها في أعلى سلم الأولويات العلمية والطبية على مستوى العالم لا تكاد تجد اهتماما كافيا بها على مستوى العالم العربي مع بعد الاستثناءات المحدودة كما هو الحال بالنسبة للمشروع القطري وبعض المشاريع الخجولة الأخرى.
يأتي هذا التجاهل لهذا العلم في الوقت الذي تكثر فيه الأمراض الوراثية في الوطن العربي، حيث تشير الإحصاءات السعودية على سبيل المثال أن 8% من المواليد مصابون بأمراض موروثة ناهيك عن الأمراض المرتبطة بالوراثة والتي تظهر متأخرة مثل داء السكري الذي يصيب حوالي خُمس السكان.
صحيح أن معظم تحليلات الجينوم على مستوى العالم ما تزال لأسباب بحثية، لكن هذا سيتغير في السنوات القليلة المقبلة حيث من المتوقع أن تستحوذ التطبيقات السريرية والوقائية على 80% من الاستخدامات خاصة في ظل الانخفاض الملموس على كلفة هذه الفحوصات مما يجعلها في متناول اليد ولا تزيد كثيرا عن بعض الفحوصات المخبرية والشعاعية المستخدمة الآن.
سيغير علم الجينوم طريقة إدارتنا لقضايانا الصحية وطرق الوقاية والكشف المبكر عن الأمراض الوراثية وتلك المتعلقة بالطفرات الجينية ناهيك عن علاج هذه الأمراض حيث من المتوقع أن يستحوذ الطب الدقيق المستند إلى البيانات الجينية والسيرة المرضية والتاريخ العائلي على حصة الأسد من الرعاية الصحية والطبية.
أظن أنه قد آن الأوان لنا في الأردن أن نبدأ بوضع حجر الأساس لمشروع وطني للجينوم، خاصة أن عددا من القائمين على المشاريع العربية هم من الخبراء الأردنيين وتبقى معضلة التمويل التي يمكن التغلب عليها حال توفرت لدينا رؤيا واضحة وخطة عمل قابلة للتطبيق ,وإلى أن يحين ذاك الوقت فليس أقل من البدء بالعمل على التأسيس للأطر الأخلاقية والقانونية التي تحكم هذا المشروع وعلى إدخال مبادئ هذا العلم في مناهجنا الدراسية لنشر الوعي حول أهميته وزيادة تقبل الناس لفكرته في المستقبل.