نهاية أسطورة “دكتور الحموضة”
فبراير 22, 2019
قضت محكمة ساندييغو بتغريم روبرت يونغ صاحب كتاب PH miracle ذائع الصيت مبلغ 105 ملايين دولار في أكبر قضية تعويض لهذا النوع من القضايا وذلك لممارسته الطب دون أن يكون مؤهلا ولا مرخصا لذلك وكانت محكمة أخرى قد حاكمته جنائيا وقضت بحبسه قبل ذلك بأشهر.
وكانت عائلة أحد المرضى الذين قضوا بالسرطان قد رفعت عليه دعوة متهمة اياه بالاحتيال والاهمال من خلال نصيحته لهم بعدم الخضوع للعلاج التقليدي والاكتفاء ببرنامجه الغذائي الذي جنى من خلاله ملايين الدولارات وباع عشرات الملايين من نسخ كتبه التي كانت ضمن الكتب الأكثر مبيعا في مختلف دول العالم وترجمت إلى مختلف اللغات.
فقد ذاع صيت يونغ من خلال ادعائه أن نسبة الحموضة في الدم هي المسؤولة عن جميع الأمراض بما فيها السرطان، وان العلاج يكمن باتباع حمية قلوية دون الحاجة لأخذ العلاجات المتعارف عليها لهذه الأمراض والتي مرت بكافة مراحل البحث العلمي والسريري.
لقد وجه هذا الحكم ضربه قاصمة لمدعي الطب البديل وقد يؤسس لسابقة قضائية يمكن البناء عليها مستقبلا بحيث لم يعد يمكن النظر اليها كما لو انها مكملات أو أساليب علاج لا ضير من اتباعها دون مساءلة قانونية.
لا أظن أن احدا من زملائي العاملين في مجال علاج السرطان يتعرض لأي سؤال من قبل الأصدقاء والمرضى قدر تعرضه لأسئلة تتعلق بما يعرف بالطب البديل، فهذا النوع من “الطب” لا يختص بمنطقة أو بدول دون اخرى، فهو موجود وان كان بصور مختلفة في كل مكان لكن الدول المتقدمة تعتمد قوانين لتنظيمه والتقليل من ضرره لذلك نرى آلاف المرضى الأميركيين يعبرون الحدود مع المكسيك طلبا لهذا النوع من “الطب”.
لا شك أن المريض يلجأ إلى هذه الممارسة عندما يفقد الأمل في الطب الحديث في حل مشكلته من باب أن الغريق يتعلق بقشة، ومن هذا المدخل يلج معظم المتاجرين بآلام الناس بغية تحقيق مرابح سريعة وسهلة.
لا ينكر أحد أن بعض الممارسات المستمدة من الموروث الشعبي قد تؤدي إلى تحسن في بعض الاعراض التي تصاحب بعض الأمراض المستعصية؛ لكن لم يثبت أن أيا منها قد أدى إلى شفاء أي من هذه الأمراض، بل إن لبعضها آثارا جانبية مدمرة قد تتفاعل مع الأدوية التي يتناولها المريض مما يؤدي الى عدم الاستجابة لهذه الأدوية أو الى زيادة اعراضها الجانبية الخطيرة؛ وربما تسبب الوفاة، فكثيرا ما يأتينا المرضى بأعراض لا نجد لها تفسيراً لنكتشف فيما بعد انهم قد تعرضوا لبعض أنواع ما يعرف زوراً بالطب البديل.
لقد انهت هذه القضية اسطورة “طبيب الحموضة” وسيلحق به “اطباء السكر” وغيرهم من المتطفلين الذين يقتاتون على بقايا اجساد الضحايا التي انهكها المرض.