هموم إدارية: الشللية

22/10/2014
ليس هناك ما هو أبغض للنفس من صفة يحملها الموظف، وتتعلق بعمله، من أن يكون “شخصا شلليا”؛ بمعنى أن ينشئ “شلة”، ويقيم علاقاته المهنية في العمل وفقا لها. وكلما استفحلت “الشللية” في مؤسسة أو في جزء منها، كانت أبعد من النفس، وقل فيها الرجاء.

فالشللية في المؤسسة تشكل هيكلا إداريا موازيا، لكنه مخالف، بل ومناقض للهيكل الإداري والشكل التنفيذي اللذين تبنيهما المؤسسة لخدمة أهدافها ووظائفها. فهو هيكل مشوه الشكل والغاية، بالغ الضرر للمؤسسة. كما أنه هيكل باطني وغير مشروع؛ فمنطلقاته عادةً ما تكون مرفوضة، وقيمه فاسدة، ومصالحه “غير معتبرة”.

ولذلك، فمن واجب صاحب الإدارة أن يفكك “الشللية” حيثما وجدت، وسع طاقته، فلا ينحني ولا يتنازل أمامها، فضلاً عن أن ينشئها، أو يمتطي ظهرها.

وما أزال أعجب من صاحب مؤهلات وقدرات يرى في “الشللية” حمايةً له، أو سبيلاً إلى الارتقاء. وأقول إن من كان عابراً للمؤسسة فهو لا يحتاجها؛ ومن كان مستقراً فيها، مُطيلا مكوثه هناك، فإن له مصلحة في أن يكون كل من في المؤسسة شلته وجماعته؛ بعدت المسافة منهم أو قلت. فالمنطق السليم أن يندمج بكليته في مؤسسته.

في المقابل، تقع على إدارة المؤسسة مسؤولية أن تُشعر أبناءها بأنها بهيكليتها المشروعة، ومن خلال نظامها الرسمي والمعلن، هي من يوفر الشعور الحقيقي بالأمن الوظيفي، والحماية الحقيقية للموظف وأسرته؛ وأن أهدافها وبرامجها هي سلم الارتقاء والوصول إلى مواقع أعلى، ومستويات أرفع في المعرفة والخبرة والدخل والقبول.

للشللية أسباب وروافد تغذيها؛ منها ما هو ثقافي، ومنها ما هو سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي. ولذلك نراها تكثر في مجتمعات وتقل في أخرى، ويصعب اقتلاع جذورها في الغالب. ولكن يبقى من الممكن محاصرتها وحماية المؤسسة والموظفين منها، وعدم السماح بجر النفوس السليمة، والهمم العالية أو البراءة الغضة، إلى مسالكها المظلمة، وإن لم يكن ذلك بغير ثمن، ولكنه يبقى الثمن الأقل.