هموم إدارية: هوى النفس
12/11/2014
خلال مشاركة المرء في عملية اتخاذ القرارات في المؤسسات أو مراقبته لها، يفاجأ أحياناً بسهولة وسرعة انتقال البعض من الرأي إلى نقيضه، وبتحكّم الهوى في اتخاذ بعض الناس لمواقفهم وقراراتهم.ففي بعض الأحيان، نغيّر مواقفنا من قضية ما، بمجرد أن يتبنى شخص آخر لسنا على وفاق معه هذا الموقف. والعكس صحيح؛ في مجاراة ومحاباة من نحب، في آرائهم، حتى وإن جانبت الصواب!تنتج عن هذا النوع من التحيز والمحاباة خسائر كبيرة للمؤسسات، نتيجة اتخاذ مواقف وقرارات تنافي المنطق؛ إرضاءً لأهوائنا ومصالحنا الشخصية.
فالتحيز يؤدي بالمرء إلى تعظيم الأدلة والشواهد التي توافق رأيه وهواه، وطمس وتبخيس تلك التي تخالفها. وفي غالب الأحيان، لا يعي الناس التحيز في أفكارهم ومواقفهم، وهو ما يفسره علماء النفس بوجود نوعين من التفكير يحكمان نظرتنا وحكمنا على الأمور: الأول، تجري فيه الأفكار والانطباعات والأحاسيس، بتلقائية وانسيابية من دون جهد؛ ويتم فيه فهم الأمور واتخاذ القرارت وفقاً لما يفضله الفرد، أو يرتاح له أو يرغب فيه. وهذا ما يسمى بالتفكير العاطفي، وهو نمط من التفكير يتسم بالسطحية والتسرع، والاستيعاب الاختياري.أما النوع الثاني من التفكير، فهو ما يُطلق عليه التفكير الناقد أو التأملي. وذلك بأن يقوم الإنسان باتخاذ مواقفه من الأمور المختلفه بعد إخضاع المعلومات والشواهد لاختبارات عقلية، بهدف الوصول إلى الحقيقة المنزّهه عن الهوى أو المحاباة.
لكن، وللأسف، فإن النوع الأول من التفكير هو المسيطر على مواقفنا وقراراتنا في معظم الأحيان. وذلك لسهولته، ولأنه يشبع رغبة داخلية لدينا، ولكوننا لا نكون واعين فيه لتجربتنا وأخطائنا. وهذا على النقيض من النوع الثاني من التفكير الذي يتطلب جهداً ووعياً، وتكون أخطاؤنا بيّنة فيه.
على المدير أن يكون حذراً في تعامله مع القرارات والاقتراحات المنبثقة عن المجموعات والفرق المختلفة، ومن نسبة التحيز الذي يشوبها، ومدى تأثير هذا التحيز على اتخاذ القرار. علماً أن الغالبية العظمى من القرارات تحتوي على قدرٍ ما من التحيز، لكن المهم هو مدى تأثير هذا التحيز في اتخاذ القرار.
الحل الأنجع للتغلب على هذا النوع من التحيز، يكمن في الانتقال بصناعة القرار من الفردية إلى المؤسسية، ووضع آلية واضحة وشفافة لضبط هذه العملية. فإذا كان الفرد غير قادر على التعرف على تحيزه والتخلص منه، فهو قادر على كشف تحيز الآخرين؛ وبالتالي يجب تحييد عملية صنع القرار في إطار جماعي ومؤسسي.