أنجلينا تتخفف من أعضائها

01/04/2015
لم تكد تهدأ العاصفة الإعلامية التي اجتاحت العالم قبل حوالي سنتين؛ عندما كشفت حسناء هوليوود أنجلينا جولي أنها بصدد استئصال ثدييها نتيجة لاكتشاف طفرة جينية لديها تسمى “براكا 1″، تترتب عليها زيادة احتمالية إصابتها بسرطان الثدي والمبيض، حتى قفز اسم جولي إلى صدارة الأحداث مجددا، بإعلانها الأسبوع الماضي، عن قيامها باستئصال المبيضين وقناتي فالوب.

أهمية هذا الخبر تنبع، بالدرجة الأولى، من الشعبية والشهرة الطاغيتين اللتين تتمتع بهما صانعة الحدث، ثم من ارتباط الحدث بالعنوان الأبرز للأنوثة، خاصة بالنسبة لنجمة تعتبر أيقونة الجمال والأنوثة لدى الملايين.

ويزداد الحدث إثارة كونه يتعلق بأحد المواضيع الخلافية في الطب، ألا وهو موضوع التحري عن السرطان، وكيفية التعامل مع نتائجه.

فالطفرة الجينية المكتشفة لدى أنجلينا تزيد من احتمالية إصابتها بسرطان الثدي بنسبة 65-85 %، وبسرطان المبيض بنسبة 15-40 %. وإذا ما أضفنا التاريخ الأسري الحافل بالسرطان (والدتها وجدتها وخالتها اللواتي أصبن بسرطانات متعلقة بهذه الطفرة)، فإن هذا يجعلها ضمن الشرائح الأعلى خطورة من حيث احتمالية الإصابة بالسرطان.

لا شك في أن القرار الذي اتخذته جولي بالتخلي طوعا عن أعضاء سليمة في سبيل الوقاية من مرض غير مؤكد، هو أمر لا يخلو من جرأة، قد يعتبرها البعض تهوراً. لكن معظم الخبراء يعتقدون أنها اتخذت القرار السليم بالنسبة لوضعها الخاص. فقد وصلت إلى قناعة بأن الأنوثة هي حادثة ذهنية وسلام داخلي، أكثر منها أعضاء تشريحية ومركبات كيميائية، ما سهل عليها مهمة تجاوز العقبة الأصعب في اتخاذ هكذا قرار بالنسبة للمرأة. فارتأت التضحية بالجزء من أجل سلامة الكل.

وليس كل ما ينطبق على حالة أنجلينا يصلح، بالضرورة، لغيرها من السيدات ممن يمتلكن نفس الطفرة. فهي تقول إن القرار لم يكن بناء على الفحص الجيني فقط، وإنما أخذت بالاعتبار التاريخ الأسري الحافل بالسرطان، وبعد استشارة العشرات من الأطباء ذوي الاختصاصات المختلفة.

لقد شهد العالم بعد إعلان أنجيلينا عن نتائج الفحص، مضاعفة في عدد السيدات اللواتي سعين إلى إجراء هذا الفحص، فيما أطلق عليه البعض مسمى “حمى أنجلينا”؛ وبما جعل المختصين يتخوفون من إساءة استخدام هذا الفحص ونتائجه، بشكل قد يؤدي إلى اجراء عمليات غير ضرورية، تكون ذات مردود سلبي على السيدات. فكلنا يعرف السحر الذي يخلفه المشهورون في تحديدهم اتجاهات المستهلكين في مناحي الحياة كافة، وليس الطب وأمور الصحة بمنأى عن هذا التأثير.

أما في مجتمعاتنا، فإن كثيرا من السيدات ما يزلن يراقبن الأورام تجتاح أعضاءهن، ولا يحركن ساكنا! خوفا من مواجهة الحقيقة، وما قد تجلبه لهن من مشاكل أسرية واجتماعية. وبذلك، يخترن التضحية بالكل من أجل الاحتفاظ بالجزء، حتى لو كان هذا الجزء مصابا.

بين الرعب المبالغ فيه حد الهوس واللامبالاة المفرطة حد التبلد، هناك كثير مما يمكن عمله في هذا المجال؛ وذلك بالتوعية الصحيحة، واللجوء إلى الكشف المبكر باستخدام الطرق المستندة إلى الأدلة العلمية.