الـ”أي باد” في التعليم

08/04/2015
المقصود بهذا العنوان هو ظاهرة استخدام الأجهزة الإلكترونية (الحواسيب) “اللوحية” في التعليم من قبل الطلبة، كبديل عن الوسائل التقليدية؛ من كتب ودفاتر وأقلام. وهو نمط في التعليم بدأت بعض المدارس الخاصة المحلية توفيره كخيار للأهالي والطلبة، لكنه لا يتعلق بالأردن وحده؛ فغالبية دول العالم لديها مؤسسات تعليمية تحاول الاستفادة من هذه التقنية بشكل من الأشكال.

ثورة التكنولوجيا و”الأجهزة اللوحية” والبرامج الذكية، قادرة على توفير الكثير من الإمكانات للعملية التعليمية. وهي ثورة بدأت تترك أثارا لا يسهل حصرها؛ سواء في الغرفة الصفية الحقيقية، أو الافتراضية. فالمحتوى التعليمي تعاد صياغته منذ فترة، بحيث يتخلى عن جمود الكتاب التقليدي، ليصبح صديقا للطالب؛ وتُقدم مادته بالصوت والصورة بطريقة تفاعلية، وتتم صياغة ذلك بما يناسب كل مسألة ومشكلة وتجربة علمية. فالأجهزة الذكية تمتلك الإمكانات لبرمجتها بحيث تقدم بيئة تعليمية تفاعلية، تطرح الأسئلة، وتقيّم استيعاب الطالب، وتتشارك النتائج مع المدرسين والأهالي على أجهزتهم الهاتفية الخاصة. هذا ناهيك عن إدارة العملية التعليمية بالمجمل، والمعلومات التي يمكن أن توفرها للكادرين التعليمي والإداري.

ورغم الإمكانات التي يمكن أن توفرها هذه الأجهزة من الناحية النظرية لرفع سوية التعليم، إلا أننا نلحظ بونا شاسعا بين مختلف المؤسسات والدول؛ من حيث ما تم تحقيقه من فائدة على أرض الواقع، ومن حيث جودة المنتج التعليمي.

من هنا تأتي أسئلة مفصلية يجب أن يجيب عنها المختصون بالوسائل التعليمية الحديثة والمناهج، منها: متى تكون نقطة التحول المناسبة للانتقال إلى الكتب الإلكترونية؟ وما هو الحد الأدنى من الشروط اللازمة للانتقال من الغرف الصفية التقليدية إلى أخرى أكثر تقنية وحداثة؟ وهي أسئلة يصعب توجيهها لمن تلقى ودرس وتعامل مع هذه المباحث بطريقة تقليدية؛ إذ من الطبيعي أن لا يرتاح هؤلاء لما لا يتقنون. كما لا يجوز أن تُترك لعمليات التسويق والتجارة، كما يوحي الاسم الدارج: “فصول الآي باد”؛ فهذه تنساق خلف الربح المادي، وتحرق المراحل من أجل ذلك.

لا شك في أن التخفيف على الطالب من عبء الحقيبة المدرسية، هو عائد جيد، لكنه غير كاف. فإذا لم يثبت أن العائد من الناحية التعليمية سيحقق تحسنا توعويا يوازي حجم الاستثمار في هذه الأنظمة، يكون الانتقال غير محمود.

لم أطلع على دراسات محلية رصينة تقيّم وضع المدارس التي اعتمدت هذه الطريقة وبدأت بتطبيق هذه التقنيات، أو (دراسات) تستقرئ مستقبل التعليم في الأردن. وهي دراسات ضرورية لأصحاب القرار وواضعي الاستراتيجيات التعليمية.

إنه لمن المنطق أن يكون الانتقال والتحول إلى التعليم الإلكتروني على مراحل، تسبقه تهيئة الكوادر البشرية القادرة على التعامل مع هذه النقلة، وفق جداول زمنية. إذ يجب علينا دائما تقدير الخطوات قبل خطوها، ومعرفة خريطة الطريق، وتقديم دراسات ونتائج يطلع عليها الأهالي والجمهور عند كل محطة؛ فهذا الأمر يتعلق بمسألة تتعدى الحاضر إلى المستقبل.