لماذا يزورنا العُداد؟

16/12/2015
تساءلت الكثير من النخب والعامة حول مدى الحاجة الحقيقية لإجراء التعداد السكاني من خلال زيارة الأسر، وسؤال “العُداد” عن معلومات يفترض أن جلّها موجود في قواعد بيانات مؤسسات الدولة. فما دامت دائرة الأحوال المدنية تسجل المواليد والوفيات، وما دامت وزارة الداخلية تسجل بيانات القادمين والمغادرين، وهناك قاعدة بيانات لدى وزارة التربية والتعليم، وشيء من هذا أيضا في وزارة الصحة؛ وما دام أن هناك رقما وطنيا يفترض أنه يستخدم في السجلات كافة… فالنتيجة، إذن، أن ما نبحث عنه في المساكن متوفر في الحواسيب! ألا يمكن، من ثم، أن ينفّذَ العد من خلال معالجة وربط هذه السجلات؟ والجواب حتى الآن هو: لا.

فالسجلات، كما يفضل أن يطلق عليها الإحصائيون، وقواعد البيانات في المملكة، لا تحقق متطلبات التعداد السكاني كما هو موصوف ومقرر في هذا العلم لدى المؤسسات المتخصصة في الإحصاء. وهذا الأمر ينطبق على معظم دول العالم؛ المتقدمة منها والنامية، والاستثناءات على مستوى العالم ما تزال محدودة، مثل دول الشمال الأوروبي.

فالتعداد السكاني كإطار إحصائي وطني، له مفاهيمه الدقيقة. فمثلا، تعريف الأسرة والمسكن لا ينطبقان على دفتر العائلة الأردني. وللتعداد تعريف جوهري لمكان الإقامة، والهجرة، وغير ذلك، مما لا يتوفر، ولا يسهل توفيره في قواعد البيانات الوطنية.

وتحتاج قواعد البيانات هذه (السجلات) إلى كثير من الجهد حتى توفر المتطلبات التي يحتاجها النظام الإحصائي، للاستغناء عن الطرق التقليدية، واستبدالها بالسجلات. فجميع الدول العربية -التي يمكنها إجراء تعداد- تستخدم أسلوب الزيارة البيتية كأساس للحصول على المعلومة الإحصائية، باستثناء وحيد هو مملكة البحرين التي استخدمت السجلات بشكل أساسي، والزيارة بشكل ثانوي فقط في آخر تعداد.

هناك توجه عالمي لتوفير متطلبات النظام الإحصائي من خلال السجلات وقواعد البيانات. وهناك دول جديدة تدخل في كل عام تقريبا إلى نادي الدول التي تستخدم السجلات كليا أو جزئيا في التعداد والنظام الإحصائي. وهناك دراسات ورصد وتوثيق للتجارب العالمية، ومؤلفات متعددة صدر بعضها عن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والمنظمات المختلفة المعنية بالأرقام ومؤشرات التنمية. ووزارة التخطيط ودائرة الإحصاءات العامة في الأردن تعلمان ذلك، ولهما ارتباط بهذه الأنشطة، إذ يرد اسم الأردن في المؤتمرات واللجان ذات الصلة، وهناك أرقام تصدرها الدائرة تستند إلى السجلات. والمفروض أن هناك رؤية وتقييما لوضع السجلات وقواعد البيانات في الأردن لدى دائرة الإحصاءات، ومتطلبات تطويرها لتغني عن التعدادات مستقبلا.

إن استخدام السجلات في التعداد سيوفر كثيرا من الجهد والمال عند الانتهاء من تجهيز الأنظمة، والإجراءات وقواعد البيانات، لتتوافق مع متطلبات النظام الإحصائي، وربما تعديل بعض التشريعات والأنظمة. لكن هذا يحتاج لخطة طويلة الأمد، نأمل أن تكون موجودة لدى الجهات المعنية، وأن يكون هذا التعداد هو الأخير الذي ينفذ من خلال الزيارات البيتية.