أوبر وأخواتها
29/04/2017
تناقلت وسائل الإعلام خلال الاسبوع الماضي ثلاثة أخبار تعلقت بالشركة العالمية “اوبر” والمتخصصة بخدمات نقل الافراد، أو ما يعرف “المشاركة في ركوب السيارة” والتي تستخدم على نطاق واسع في كثير من دول العالم. احد هذه الاخبار محلي الطابع والآخران حظيا بتغطية واسعة في الاعلام العالمي.
محليا؛ تحدثت وسائل الاعلام عن تظاهر عدد من المشغّلين والعاملين على التكسي الاصفر امام مجلس النواب احتجاجا على استمرارية عمل التطبيقات الذكية في النقل، ومواصلة عملها بالصفة الخصوصية، رغم صدور تعميمات بوقف عملها وتكرار المهل لإيقاف نشاطها بصورة كاملة، وهو الاحتجاج الذي تواصل عدة اشهر من دون حل الى الآن. ويظهر ذلك صعوبة مواكبة واستيعاب التغيرات في النماذج الاقتصادية والتجارة والخدمات التي استفادت من العولمة والتطورات التقنية.
في الخبر الثاني، نقل الاعلام عن رئيس المنتجات في أوبر إن الشركة تتوقع إطلاق خدمة التاكسي الطائر في دالاس فورت وورث بولاية تكساس الأميركية وفي دبي بدولة الامارات العربية بحلول العام 2020، وتعلق الخبر الثالث باتهام عملاق التقنية “ابل” لشركة “اوبر” بانتهاك قواعد الخصوصية الصارمة لأجهزة “آي فون”، وتوفير امكانية تتبع الجهاز من قبل الشركة واخفاء ذلك عن مهندسي شركة “ابل” من خلال الاحتيال بعدم تفعيل هذه الميزة في المنطقة التي تحوي مكاتب شركة “ابل”، وبالتالي تأخر الفاحصون في شركة ابل في اكتشاف هذه المخالفة.
شركة “اوبر” لم تبلغ العاشرة من عمرها ومع ذلك أصبحت شركة عملاقة من خلال فكرة بسيطة، وتطبيق حاسوبي عادي وصلت الى قيمة سوقية تفوق 50 مليار دولار. الفكرة ببساطة هي ربط الراكب بالسائق الاقرب جغرافيا من خلال الهواتف الذكية، والسائق هو أيّ مالك سيارة حديثة نسبيا يرغب في وقت ما بالعمل كسائق تاكسي. نجحت الفكرة وانتقلت هذه الخدمة من الولايات المتحدة الى أكثر من ستين دولة تغطيها الشركة، وظهرت شركات اخرى منافسة تقدم ذات الخدمة بذات الطريقة مثل “كريم” و”ليفت” و”ايزي تاكسي” وغيرها، وانتقل النموذج الذي عرف باسم الشركة “Uberization ” الى قطاعات اخرى عديدة.
يرتكز الاساس الذي بني عليه هذا النموذج من الاعمال على استغلال الطاقات المعطلة للافراد وللاصول التي يمتلكونها وتذليل العقبات التي تحول دون الاستفادة القصوى من هذه الطاقات.
هي صورة للفرص والتحديات التي وفّرتها وفرضتها التقنيات الحديثة وأدوات العولمة، فكرة يجد المستهلك فيها ميزات من حيث توفير الوقت والبساطة وربما التكلفة والسلامة وفرصة العمل، تدر مالا لشركات وتزاحم الأنماط الحالية في الخدمة والانتاج، وتشكل في ذات الوقت تحديا للادارة الحكومية في التشريع والتنظيم والرقابة، ويكون ذلك على حساب أعمال ومهن استفادت سابقا من الحماية التي وفرتها لها القوانين الناظمة، فركنت الى الكسل على حساب جودة الخدمة والمنتج ولم تستطع المنافسة بدون هذه الحماية التي سقطت.
قطعا ستشهد السنوات القليلة القادمة تغيرا جذريا في بنية مختلف القطاعات الاقتصادية، وستختفي انماط وتظهر اخرى بديلة، وتنقرض مهن وتبرز اخرى، فنحن على اعتاب حقبة تاريخية ستعيد صياغة علاقاتنا واسلوب حياتنا ولن تترك هذه المتغيرات جانبا من جوانب حياتنا الا وستمسّه، وسيستثمر البعض هذه الفرصة التاريخية بينما سيكتفي آخرون بالمراقبة والتحسر.